مرافعة النيابة العامة

 

في  القضية رقم 000 / 0000 جزاء ......

ويقول الله تعالى ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً )([1])

ويقول الله تعلى " (وإذا المؤودة سئلت* بأي ذنب قتلت)([2])

ويقول الله تعالى:- (قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئاً وبالوالدين احساناً ولا تقتلوا اولادكم من املاق نحن نرزقكم واياهم…)([3]).

وقوله تعالى:- (ولا تقتلوا اولادكم خشية املاق نحن نرزقهم واياكم ان قتلهم كان خطأ كبيراً)([4])

وقوله تعالى ((قد خسر الذين قتلوا اولادهم سفهاً بغير علم وحرموا مارزقهم الله افتراءً على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين)([5]).

صدق الله العظيم

حضرات المستشارين ...

باسم الحق الذي يعيش في ضمائركم..

باسم العدل الذي أقسمتم يمين الولاء له ..

باسم الأمانة الكبرى .. والرسالة العظمى التي ناءت عن حملها الجبال الرواسي ،

 فحملتموها أنتم بكل العزة والفخار ..

باسم المجتمع الذي أناطنا أمانة تمثيله أمامكم ، فقبلنا هذه الأمانة بكل الثقة والإعتزاز ..

حضرات المستشارين ...

الواقعه التي امامكم ضحيتها انسان لم يكن يقوى على الصراخ، فلم تمض على إبصاره نور الحياة سوى لحظات بسيطة، وربما لم يكن ليصرخ لو كان يستطيع، وهو في أحضان أكثر الناس حباً له وهي أمه، تلك الأم التي لم تتجرد فقط من أمومتها بل تجردت من إنسانيتها حينما قتلت طفلها بعد ولادته ربما هرباً من عقاب القانون والناس وربما رغبتها في باستمرارها فالعمل كخامة بمنزل كفيلها ، لكن ذلك أيضاً سيكون عذراً أقبح من ذنب .

حضرات المستشارين ...

القتل كما هو معلوم لديكم " إزهاق روح إنسان آخر بدون وجه حق " وأن العلة من وراء التجريم هي حماية حق الإنسان في الحياة "

من ذلك التعريف سالف البيان يتضح لنا أركان جريمة القتل العمد وهي على النحو التالي :

أولا الركن المادي "

يتكون الركن المادي لجريمة القتل من ثلاثة عناصر وهي :

1 0 فعل الاعتداء على الحياة " أي سلوك إرادي صالح لإحداث الوفاة ، وغالبا ما يتخذ هذا الفعل الصورة الايجابية تتمثل في حركة عضلية تدفعها إلى الوجود إرادة شخص معين ، قد تكون هذه الحركة واحدة أو عدت حركات ،،، وهذا العنصر قد تحقق في هذا الواقعة من قيام المتهمة بوضع يدها على انف وفم وخد الطفل فأحدثت به الاصاب الموصوفة بتقرير استشاري الطب الشرعي الأمر الذي أدى إلى وفاته .

2 0 وفاة المجني عيله " وهو ثابت بالتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه وتقرير استشاري الطب الشرعي الذي اثبت فيه وفاة المجني عليه  نتيجة الضغط المتواصل على الأنف والفم مما أدى إلى توقف القلب والتنفس .

3 0 علاقة السببية بين الفعل والنتيجة " والواضح أن سبب الوفاة هو اسفكسيا كتم النفس و كما ثبت من تقرير استشاري الطب الشرعي والذي اثبت أن الوفاة نشأت عن الضغط المتواصل على الوجه  على غرار ما يتخلف عن كتم النفس اليدوي ، ووفاة الطفل جنائية تعزى لأسفكسيا كتم النفس بعد أن ولد حيا بما انتهت به من توقف القلب والتنفس .

ثانيا الركن المعنوي :

يقوم القصد الجنائي في جريمة القتل العمد على عنصرين وهما :

1 0 العلم : أي أن ينصرف علم الجاني بأنه يقوم بنشاط من شانه أن يؤدي بحياة إنسان هو المجني عليه ، وأن يتوقع حدوث الوفاة كنتيجة لفعله " وهذا العنصر يستشف من الأوراق عندما لم تقم المتهمة بإخبار كفيلها طوال فترة عملها بأنها حامل ، وكذلك قيامها بوضع طفلها بداخل الحمام دون الطلب من كفيلها لكي يأخذها إلى المستشفى لوضع طفلها هناك ، وأخذها لكيس اسود والمستخدم لرمي النفايات وقيامها بنزع ملابسها المتسخة بالدماء وارتداء ملابس نظيفة وقيامها ايضا بوضع الطفل بداخل الدولاب وكل ذلك ثابت بتقرير التحريات والمعاينة التصورية لدليل واضح على أن المتهمة قاصدة قتل طفلها واخفاء معالم جريمتها .

2 0 إرادة الفعل والنتيجة " وهو ما تحقق عندما قامت المتهمة بوضع يدها على أنف وفم طفلها بقصد ازهاق روحه .

سيدي الرئيس حضرات المستشارين

وإليكم البيان ..البيان الذي يوفر لكم اليقين الذي تقيمون عليه قضاءكم ..

الأدلة قاطعة .. ناطقة صارخة .. تحيط بالمتهمة إحاطة السوار بالمعصم ، فلا تجد منها فكاكا ً ، أو من بين ثناياها مخرجا ً ..

أولا : الشهود.

الشاهد / .....الجنسية -  .....- مدير ......، يحمل هاتف رقم .......

يشهد انه ورد إليهم بلاغ إلى مركز شرطة ........والذي يفيد عن وجود امرأة إثيوبية الجنسية قامت بإجهاض نفسها بداخل حمام منزل كفيلها بمنطقة ..... وعلى الفور تم الانتقال إلى مكان الواقعة برفقة رجال التحريات ومسرح الجريمة وتم إخطار النيابة العامة بالواقعة حيث تبين بأن المكان عبارة عن منزل شعبي مكون من طابقين يعود للمدعو/ .....وبدخولنا للمنزل تحديدا إلى مكان الحادث وهو عبارة عن حمام تابع للمجلس مقسم إلى قسمين قسم خاص للمغسلة والقسم الثاني خاص بالمرحاض وتبين لنا وجود أثار دماء وأوساخ على أرضية الحمام وتم إسعاف المتهمة ونقلها إلى مستشفي ....من قبل إسعاف الشرطة ولاحظنا بمكان الحادث وجود جثة طفل حديث الولادة متوفى موجود في الحمام المخصص للمرحاض وعليه ثياب متسخة بالدماء وبجانبه كيس اسود اللون مخصص لرمى النفايات وبسؤالنا صاحب المنزل المدعو/ .........قرر لنا أن المتهمة .......تعمل لديه بمهنة خادمة وقد حضرت من بلادها منذ ثمانية شهور وعشرين يوما تقريبا ولم يعلم خلال هذه المدة أن خادمته المتهمة ..... حامل ولم يلاحظ عليها أية آثار للحمل ، وبعد ذلك قمنا بنقل جثة الطفل إلى مستشفى .....الحكومي والتحفظ عليها بناءا على أمر النيابة العامة وذلك لفحصها من قبل الطبيب الشرعي ، وفي اليوم الثاني تم فحص الجثة من قبل استشاري الطب الشرعي وتبين من خلالها أن الوفاة جنائية نتيجة الاختناق عن طريق كتم النفس للطفل , وعليه قمنا بأجراء التحريات اللازمة وتبين لنا أن المتهمة 00000 قد قامت بقتل طفلها بعد ولادته حيا حيث كانت لديها نية التخلص منه وقد يرجع ذلك إلى خوفها من تسفيرها إلى بلادها ورغبة منها بالعمل كونها حضرت إلى الدولة للعمل منذ فترة قصيرة .

ثانيا : ملاحظات النيابة .

 أولا : ثبت بتقرير استشاري الطب الشرعي أن الجثة لطفل حديث الولادة يبلغ من العمر حوالي تسعة شهور رحمية ، ولد حيا وتنفس الهواء بشكل جزئي ، وتبين وجود كدمات رضية حيوية حديثة على الأنف والفم والخدين نشأت عن الضغط المتواصل على الوجه  على غرار ما يتخلف عن كتم النفس اليدوي ، ووفاة الطفل جنائية تعزى لأسفكسيا كتم النفس بعد أن ولد حيا بما انتهت به من توقف القلب والتنفس .

ثانيا : أورد الكتاب رقم 000 / 2 / 17 / .... والصادر بتاريخ 0/ 0/ 2012 من الإدارة العامة لشرطة ...... والخاص بتقرير التحريات والذي اثبت فيه أن المتهمة قامت بخنق الجنين وأنها كانت تنوى التخلص منه وذلك بإحضار كيس اسود اللون خاص برمي النفايات لإخفاء معالم الجريمة .

ثالثا : قامت المتهمة بتمثيل كيفية ارتكابها للجريمة حيث قامت دخلت إلى الحمام مكان الواقعة وقررت أنها قامت بوضع طفلها بداخل الحمام وبعد ولادته قامت بسحب الحبل السري والمشيمة ووضعت يدها على انفها وفمها وخدها وقررت أنها فعلت ذلك بطفلها للتأكد من أنه يتنفس ،وبعدها قامت بالضغط على يدها بشدة وقررت أنها فعلت ذلك بطفلها عندما لاحظت انه لا يتنفس ، وأشارت بيدها إلى الدولاب الموجود أسفل المغسلة وقررت أنها قامت بوضع الطفل بداخلها ومن ثم خرجت من الحمام وقامت بإحضار ملابس جديدة لها ، ومن قامت بالدخول إلى الجزء المخصص للمرحاض وسحب طفلها إلى الداخل وإغلاق الباب وتبديل ملابسها ورمي الملابس المتسخة على الطفل .

رابعا : بسؤال المدعو/ ...- ............الجنسية - قرر أن المتهمة ..........- إثيوبية الجنسية ،على كفالته بمهنة خادمة بداخل منزل منذ ثمانية شهور تقريبا ، وأضاف انه في يوم الواقعة اتصلت عليه زوجته وأخبرته بأن الخادمة غير متواجدة في المنزل وطلب منها البحث عليها ، ومن ثم اتصلت عليه وأخبرته بأنها شاهدت آثار دماء بداخل حمام المجلس وطلب منها أن تستغيث بالجيران لحين حضوره ، ومن ثم أخبرته زوجته أن الخادمة قد خرجت من الحمام وهي متسخة بالدماء وتم نقلها بواسطة إسعاف الشرطة إلى مستشفى .........الحكومي ، وأضاف أنه لم يلاحظ على المتهمة طوال عملها لدية أي آثار حمل ، وكذلك أن المتهمة لم تخبره بأنها كانت حامل طول فترة عملها .

وبسؤال المدعوة ......- .......الجنسية قررت انه في يوم الواقعة ذهبت للبحث عن المتهمة ........في المنزل فلم تشاهدها فقامت بالاتصال بزوجها وأخبرته بأن الخادمة بيرتوكان غير موجودة في المنزل وبعدها طلب منها أن تبحث بداخل المنزل في الدور الأول وبالفعل ذهبت إلى هناك وشاهدت باب حمام المجلس مغلق وشاهدت من خلا باب الحمام أثار دماء بالقرب من المغسلة الموجودة بداخل الحمام وباب الحمام من الداخل مغلق وعليه أخبرت زوجها بذلك وطلب منها أن تستغيث بالجيران فحضر المدعو ....والذي يعمل بالشرطة وابنة أخت زوجها..... فدخلوا إلى المنزل وقاموا بطرق باب الحمام عددت مرات حتى خرجت لهم المتهمة 0000 وملابسها متسخة بالدماء وسقطت مغشيا عليها على الأرض وقاموا بالاتصال بالشرطة حيث حضرت إلى المنزل وقاموا بإسعافها ، وأضافت أنه خلال عملها بداخل المنزل لم تلاحظ عليها أي أثار حمل ولم تقم المتهمة بإخبارها بذلك طوال فترت عملها منذ ثمانية شهور .

حضرات المستشارين ...

الآن بيدكم الأمر .. إن هي إلا كلمة تخرج من أفواهكم ، تملأون الدنيا بها حقا ً وعدلا ً ..

لا تسئلون عنها إلا أمام ضمائركم ومن بعدها أمام الله سبحانه وتعالى .. وإنا على يقين من أن ميزان العدل في أيديكم لن يختل ولن يعتل ، وأنكم ستجيبون صوت الحق والعدل ..

والنيابة العامة تطلب توقيع أشد العقوبة على المتهم عملا بمواد الاتهام لضمان حياة البشرية وعيش آمن لنا ولكم .

حضرات المستشارين ...

معذرة.. إن كنت قد أثقلت أو أطلت ، فأنا على يقين من سعة صدوركم ..

---

⁽[1]^{)سورة المائدة- أية ( 32 )}

^{([2]) سورة التكوير- الآيتان (8-9).}

^{([3]) سورة الأنعام- أية (151).}

^{([4]) سورة الإسراء- أية (31).}

⁽[5]^{) سورة الأنعام- آية (140).}